للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن نقول: إن كان قد مال إلى القول بالفاعليَّة فقد رَجحَّه الناس بأمور، أحدها التعلُّق بكلام سيبويه (١) مع موافقته للمعنى، فإنك إذا قلت: (نَعْمَ ما صَنَعْتَ) فمعناه: نعم الشِيءُ صنعتَ، وفي {إَنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (٢)} معناه: فنعم الشِيءُ إبداؤها.

قال ابن خروف (٣): وتكون ((ما)) تامَّةً مَعْرفة بغير صِلَة، نحو: دققتُه دَقاً نِعِمَّا. قال سيبويه: أي نعم الدَّقُّ (٤)، و {نِعِمَّا هِيَ} أي نعم الشيءُ إبداؤُها، و: نعم ما صنعتَ، وبِئْسَمَا صنعتَ، أي نعم الشيءُ صنعتَ. هذا قول ابن خروف معتمِداً على كلام سيبويه.

وسَبقه إلى ذلك السِّيرافيُّ (٥)، وجعل نظيرَ ((ما)) هنا/ قولَ العرب: إنِّي مِمَّا أَنْ أَصْنَعَ، ... ٥٤٨ أي من الأمر أَنْ أصنعَ، فجعل ((ما)) وحدها في موضع ((الأَمْر)) ولم يصلها بشيء. وتقدير الكلام [إنِّي من الأَمْر] (٦) أي من الأَمْر صُنْعِي كذا، فالياء اسم ((إنَّ)) ((وصنعي)) مبتدأ، و ((من الأمر)) خبرُ ((صُنْعِي)) والجملة في موضع خير ((إنَّ)).

وهذا موافق لكلام سيبويه، إذ قال (٧): ونظير جَعْلَهم ((ما)) وحدهَا اسماً قولُ العرب: إنِّي مِمَّا أَنْ أصنعَ، أي من الأمر أن أصنعَ، فجعلوا


(١) الكتاب ب ٢/ ١٧٥ فما بعدها.
(٢) سورة البقرة/ آية ٢٧١.
(٣) انظر: التصريح ٢/ ٩٧.
(٤) الكتاب ١/ ٧٣، حيث يقول: ((ونظير جعلهم ((ما)) وحدها اسما قول العرب: إني مِمَّا أن أصنع، أي من الأمر أن أصنع، فجعُل ((ما)) وحدها اسما. مثل ذلك: غسلته غَسْلا نِعمَّا، أي نعم الغَسْل)).
(٥) السيرافي (ورقة: ١٨٣ - أ).
(٦) ما بين الحاصرتين زيادة من (ت، س).
(٧) الكتاب ١/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>