للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْر أحدهما دون الآخر تقصير.

وقد جاء في الكلام ذلك، أنشد الفارسيُّ وابنُ دُريَدْ وغيرهما (١):

فَنِعْمَ مَزْكَأُ مَنْ ضَاقَتْ مَذَاهِبُهُ

ونِعْم مَنْ هُوَ في سِرٍّ وإعْلاَنِ

فَنصَّ الفارسيُّ في ((الأبيات المشكلة (٢))) على أن ((مَنْ)) تمييز، كمذهبه المتقدم في ((ما))، ومن الناس من أجاز فيها الرفعَ كـ (ما) فالحاصل أنها مِثْلُها، فإذا كان كذلك فلِمَ تَركها الناظم دون ((ما)

والجواب أن من النحويين مَن زعَم ذلك، وأن ((مَنْ)) كـ ((ما)) بإطلاق، ومنهم ابن جنيِّ (٣)، فقد قال في قول ساعِدَةَ بن جُؤَيَّة (٤):

* هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ مَنْ يَتَجنَّبُ *

إن ((مَنْ)) يجوز أن يكون فاعلا، و ((حَبَّ)) هنا من باب ((نعم)) كما سيأتي إن شاء الله.


(١) شرح الرضى على الكافية ٤/ ٢٥٢، والخزانة ٩/ ٤١٠، والمغني ٣٢٩، ٤٣٥، ٤٣٧، والأشموني ١/ ١٥٥، والهمع ١/ ٣١٧، و ٥/ ٣٧، والدرر ١/ ٧٠، ٢/ ١١٤، والعيني ١/ ٤٨٧، واللسان (زكأ) وقبله:
وكيف أرهبُ أو أُرَاعُ له وقد زَكَأتُ إلى بشر بن مروان
والمزكأ: الملجأ، وزكأت إليه: لجأت واعتصمت. وقائل الشعر مجهول. وكان بشر بن مروان سمحا جوادا، ولي إمرة العراقين لأخيه عبد الملك.
(٢) ذكره الفارسي في ((باب من الصلات والأسماء الموصولة)).
(٣)
(٤) ابن يعيش ٧/ ١٣٨، والخزانة ٩/ ٤٢٩، وديوان الهذليين ١/ ١٦٧، واللسان (حبب، شعب، ولى) وعجزه:
* وعَدَتْ عَوَادٍ بعدَ وَلْيك تَشْعَبُ *
والولى: القرب والدنو، وتشعب، تصرف وتمنع، أولا تجيء غلى القصد، وعوادي الدهر: مصائبه ونوائبه، واحدها عادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>