للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبتدأ، وهو نظير قولك: مَنْ القائمُ؟ فتقول: زيدٌ، فزيدٌ مبتدأ، هذا هو الأظهر، ولكنهم استَقْبَحوا ما ذكرتُ من ذلك، فنَفَروا عنه.

ورَدَّه المؤلفُ أيضاً بأن هذا الحذف ملتَزم، ولم نجد خبراً يُلْتَزم حذفُه إلا ومحلُّه مشغول، ليَسُدَّ الشاغلُ مَسَدَّه، كخبر المبتدأ بعد ((لَوْلاَ)) وهذا خلاف ذلك.

وأما القول بالبدل فمردودٌ لوجهين، أحدهما أن من شأن البدل صحةَ الاستغناء عنه. وهذا لا يصحّ الاستغناءُ عنه إذا لم يتقدَّم ذكرهُ، أو لم يُعلَم.

وهذا المعنى احتُجَّ على بعض أصحابنا، حيث ادَّعى في نحو (قَامَتْ هندُ) أن التاء هو الفاعل، وهو ضمير بارز، فأُلزِم أشياء.

من ذلك أن يكون البدل لازماً في هذا النحو من غير أن يجوز الاقتصار على الفاعل وحده، ولا نظير لذلك، ولكنه التزمه.

والثاني أن البدل من شرطه صحةُ وقوعه موقعَ المبدَل منه، وهذا ليس كذلك، إذ لا يستقيم أن يقال في (نعم الرجلُ زيدٌ): نعم زيدٌ.

ومن هنا امتنع عند البصريين أن يكون ((بِشْر)) في قوله: أنشده سيبويه (١):

أنا ابنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ

عَلَيْهِ الطَّيْرَ تَرْقُبُه وُقُوعَا


(١) الكتاب ١/ ١٨٢، وابن يعيش ٣/ ٧٢، ٧٤، وشرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٣٤، ٣٨٢، ٣٩٥، والخزانة ٤/ ٢٨٤، والتصريح ٢/ ٣٣، والهمع ٥/ ٩٤، والدرر ٢/ ١٥٣، والأشموني ٣/ ٨٧، والشعر للمرار الأسدي.
وبشر هو بشر بن عمرو بن مرثد، قتله رجل من بني أسد. وترقبه الطير: تنتظر موته لتسقط عليه، لأنها لا تسقط على القتيل وبه رمق. ووقوعا: جمع واقع، خلاف الطائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>