ويبقى النظر في نحو: أعطيتُ زيداً الغلامَ العاقلين، واخترتُ الرجالَ زيداً العُقَلاء، وكسوتُ زيداً الثوبَ الطويَليْن، وأعْلَمتُ زيداً أخاك العاقَليْن شاخصاً، وما أشبه ذلك.
فيمكن أن يكون الإتباع فيها جائزاً أو ممتنعا، ولم يبيِّن ذلك، ولا أشار إليه، فكان الفَصْل قاصراً.
وقد يُجاب عن ذلك بأن الشرط الأول لا يُحتاج إليه هنا، لأنه قد قَدَّم اشتراط ذلك أولَ الباب، وهو لا يختص بمسألة دون أخرى، فهذه المسألة داخلة تحت مقتضى شرطه، لأن ((العاقلَيْن)) أو ((عاقلَيْن)) في قولك: مررتُ برجلٍ ومررتُ بزيدٍ العاقلين، أو عاقلَيْن- قد جرى ما لا يوافقه في تعريفه أو تنكيره، فلم يصح في الإتباع.
وأما مسألة ((اسم الإشارة)) فإن المؤلف يُجيز نعته بالمشتق، وظاهره أنه ليس على حذف الجامد، فعلى هذا يمكن أن يُجيز: جاء عمروٌ، وجاء هذا العاقلان، وأن يُجيز: مررتُ بهذين الطويلِ والقصيرِ، كما يجوز: مررتُ بالرجلين الصالح والطالح، لأن المشتق عنده مع اسم الإشارة ليس على تقدير الجامد، فلا يُعترض بها عليه.
وإن كان الجاري على اسم الإشارة جامداً فليس بنعتٍ عنده، وإنما هو عطفُ بيان، وهو رأي لبن السَّيد وغيره (١)، فلا تدخل له مسألةُ الجامد في هذا الباب، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
والجواب عن مسألة القَطْع أنه قال اَتْبَعْ كذا بشرط كذا، فالمفهوم أنه إذا لم تتوَفَّر الشروط لا يُتْبَع، ونفُي الإتباع لا يستلزم إثباتَ القطع لأنه أعمُّ من ذلك،
(١) وهم: الزجاج وابن جني والسهيلي واختيار ابن مالك [ارتشاف الضرب-٩٦٢].