وإن عاد إلى ما ذَكر في كثرة النعوت خاصَّة استقام، إلا أنه يبقى حكم القطع في المسألة الأولى مبهمَا غيرَ مبيَّن. وهو قاصر.
والجواب أن ظاهر كلامه أن هذا الحكم راجعٌ إلى المسألة الأخيرة. ألاَ ترى أنه قال:((إِنْ قَطَعْتَ)) فأتي بـ (إِنْ) الداخلةِ على الممكن، والقطعُ في المسألة الأولى واجب، فلم تكن ((إنْ)) لائقةً بالموضع، فإتيانهُ بها دليلٌ على أنه قصد ما القطعُ فيه ممكن لا واجب. وأيضاً فإنه لم يصرَّح فيما تقدم بُحكْم قَطْع، ولا ذَكر ما يُقطع، وإنما نَصَّ على شرط الإتباع، وسكت عن غير ذلك، فلم يُضطر فيه إلى حكم القطع. والله أعلم بمراده.
وَمَا مِنَ المَنْعُوتِ والنَّعْتِ عُقِلْ
يَجُوزُ حَذْفُهُ وفي النَّعْتِ يَقِلْ
يعني أن كل واحد من النعت والمنعوت إذا عُلم جاز حذفه في فصيح الكلام على جهة الاختصار، وذلك أن الأصل الأثباتُ في الجميع، لكن عادة العرب أنها تَجتزئ بالقرائن عن النطق في كثير من كلامها، فإذا كان اللفظ معلوما، ولم يؤدِّ حذفُه إلى اختلال الكلام، بل يستقلُّ اللفظ والمعنى بما بقى - جاز ذلك.
فعلى هذا لا يُحذف المنعوت إلا بشرطين، أحدهما مأخوذ من نصه، وهو يكون معلوماً معيَّناً معناه بعد الحذف، ولا إشكال في هذا.
والآخر غير مأخوذ من ههنا، وهو أن يكون النعت مستقِلاً بمباشرة العامل، قابلاً له.
فإذا قلت:(مررتُ بعاقلٍ، أو براكبٍ) عُلم أن المحذوف (رَجُل) وصَحَّ في ((العاقل)) مباشرتُه للعامل، وكذلك ((الراكب)) ونحو ذلك.