وأما تعليل المازني فمعناه أنه حمل الشيء على مقابله، فكما امتنع نحو: مررت بزيدٍ وكه، حتى تقول: وبك، كذلك امتنع نحو: مررت بك وزيدٍ، حتى يقال: وبزيدٍ، ومن شانهم أن يحملوا النظير أو المقابل الذي ليس فيه موجب على نظيره أو مقابله الذي فيه الموجب، ليجرى الجميع مجرى واحدًا، فهذا تعليل مشبه، كما أن تعليل سيبويه مشبه أيضا، فلم يجعل وقوع الضمير موقع التنوين علةً مستقلة، بل مجموع الأمرين هو العلة كما تقدم.
وإذا تقرر هذا فما أتى به المؤلف من الرد عليهما ينبغي أن يتأمل، وأمثل ما يتعلق به السماع، ومع هذا فقد تقدم في باب الإضافة ما يتعلق به هذا الموضع والله الموفق. ثم قال:
والفاء قد تحذف مع ما عطفت ... والواو إذ لالبس وهي انفردت
بعطف عاملٍ مزالٍ قد بقى ... معمولة دفعًا لوهم اتقى
هذا فصل يذكر فيه ما يجوز حذفه من التابع أو المتبوع، فتكلم أولا في التابع، يعني أن التابع، وهو المعطوف، قد يحذف مع عاطفه قليلا، لكن في الكلام، ولا يختص ذلك بالشعر، ويدل على أنه قليل إتبانه بـ (قد) إذ عادته أنه لا يأتي بها إلا إيذانًا بالقلة. وذلك صحيح هنا، إذ ليس له في النقل كثرة.
ويدل على أنه لا يختص بالشعر إطلاقه، إذ لو أراد الشعر لبينه، ولأنه إذا أشعر بالقلة دل ذلك من قصده أنه أراد في الكلام.