كان دليلاً عليه لابد أن يكون مجتمعا في المعنى معه، وإلا فليس بدليل، ولابد أن يكون ذلك الدليل هو المعطوف، لأنه الأصل، ولأنه دليل على ما حذف، ولو كان غير ظاهر لم يكن دليلا، بل محتاجا إلى ما يدل عليه.
والجواب عن الثاني قد تضمنه الجواب عن الأول، لأن شرط الدلالة على المحذوف يستلزم اجتماعهما في معنى واحد، فلم يفتقر إلى زيادة، وهذا من جملة اختصاراته المستحسنة.
وقوله:(دفعًا لوهمٍ اتقى مفعول له، يحتمل أن يرجع إلى قوله: (قد بقى معموله).
يريد أن ذلك المعمول قد بقى ولم يحذف مثل ما حذف عامله دفعًا للوهم الذي كان يحصل بحذفه، واللبس الواقع بسببه، لأنه لو حذف المعمول معه عامله لم يبق ما يدل على أن ثم محذوفًا، وهذا متقًى ومحذور في الكلام، وإن فرض أن ما تقدم دال على عامل فإنما يدل إذا تعين موضع الدلالة، والمعمول هو الذي يعينه، فإنك لو قلت: مررت بزيدٍ، ولم تذكر (عمرًا) بأن تقول: مررت بزيدٍ وعمرًا - لم يكن ثم ما يدل على حذف عامل لـ (عمرو) وهو (لقيت) أو نحوه، فلما جئ بالمعمول اقتضى عاملاً، لأن كل معمول لابد له من عامل، فجاء العامل المعطوف عليه بتعيينه موافقًا لذلك المعمول، ولائقًا به، فتقدره من معناه في نحو: مررت بزيدٍ وعمرًا، ونحوه:
* علفتها تبنًا وماًء باردًا *
ومن لفظه ومعناه في نحو: هذا ضارب زيدٍ وعمرًا على رأي سيبويه.