ومنه ما حكي في قراءة: } قل رب احكم بالحق {، وهي قراءة أبي جعفر، وقرأ أيضًا: } قال رب انصرني بما كذبون {، وشبه ذلك بضم الياء، أراد (ربي) ولم يرد المنادى المفرد، بدليل حذف حرف النداء؛ إذ حذفه كذلك قليل، كما تقدم، فلا يحمل عليه مع وجود غيره.
وقد قالت العرب: يا أبت ويا أمت، والتاء فيهما عوض من الياء، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال شيخنا الأستاذ - رحمه الله -: هذا الوجه ينبغي ألا يجوز إلا في موضع البيان لئلا يلتبس بغير المضاب، حتى يكون مثل قراءة من قرأ: } قل رب احكم بالحق {بضم الباء، لأن الداعي مقر بالعبودية، لأنه في مقام الخضوع والاستكانة.
قال: وحذف حرف النداء هنا دليل آخر، لأنه لا يطرد حذفه من النكرة المقصودة، واطراد حذفه في هذا الوجه دليل على أنه ليس بنكرة مقصودة.
وقد حمل ابن جنى القراءة على أنها مثل:"افتد مخنوق" و"أصبح ليل"، والأظهر خلافه.
ووجه هذه اللغة التكملة لشبه الياء بالتنوين من حيث أزيلت الكسرة المحرزة لها حين لم يكن للتنوين عندهم محرز.