والثالث: ما يجوز فيه الوجهان، والتنكير: فيلحقه التنوين، والتعريف: فلا يلحقه، نحو: إيه وإيهٍ، وصه وصهٍ، ومه ومهٍ.
وحكى الفارسي في "التذكرة" عن أبي عثمان، عن أبي زيد، أنه سمع أبا السماك يقول: هؤلاءٍ قومك، فنون على جهة التنكير. وهذا غريب في أسماء الإشارة.
ومعنى التنكير أن يكون مدلول اسم الفعل غير معهود عند المأمور أو المنهي، فكأنه يأمره بأمرٍ غير معين أو ينهاه عنه، والتعريف بخلافه، وهو أن يكون مدلوله معهودًا عند السماع.
فإذا قال: إيه، بغير تنوين، فكأنه قال له: حدث الحديث الذي أنت فيه، وإذا قال إيهٍ، فكأنه قال له ك حدث بكل ما تريد.
وكذلك إذا قال: صه، فكأنه قال: اسكت عن هذا الذي أنت تذكر، وإذا قال: صهٍ، فكأنه قال: اسكت عن كل حديث. وكذلك سائر أسماء الأفعال.
وقوله:(وتعريف سواه بين) أي وتعريف ما سوى المحكوم بتنوينه بين لا إشكال فيه.
ويشعر قوله:(واحكم بينكير الذي ينون منها) بأن هذا موقف على السماع، كأنه يقول: ما جاء في السماع منونا حكمت عليه بالتنكير، وما لم ينون فاحكم عليه بالتعريف، فجعل إليك الحكم بالتنكير أو التعريف عند وجود التنوين أو عدمه، ولم يجعل لك إلحاق التنوين فيما ليس فيه، ولا حذفه مما هو فيه ولو أراد هذا لقال: إذا أردت التنكير فألحق التنوين، وإذا أردت التعريف فاحذفه أو لا تلحقه.