وما ألزمه ابن الضائع لا يلزم، فإن الغالب في معهود الضرورات أن لا زيادة في لحاق التنوين ما آخره ألف ولا نقصان، وما صوره أمور اتفاقية نادرة لا تلتفت العرب إلى مثلها، فلا ينبغي أن يعول عليها. وإذا أمكن هذا لم يكن بين الموضعين في كلام الناظم تعارض.
والأمر الثاني الموجب لصرف ما لا ينصرف: التناسب، وهو أن ينونن لموازنته لمنون ليس فيه موجب للمنع، وهذا لا يقع إلا في الكلام المسجع، لأن الكلام المسجع يجري في الحكم مجرى الشعر المقفى.
ألا ترى أنه قد جاء حرف الإطلاق في السجع، قال الله تعالى:{وتظنون بالله الظنونا}. فأتى بالألف للإطلاق، كما قال الشاعر:
* ظننت بآل فاطمة الظنونا *
وكذلك قول الله تعالى:{يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا}.
وبعد ذلك {فأضلونا السبيلا}. فإنما هذا لمناسبة ما قبل ذلك وما بعده، من الوقف على الألف المبدلة من التنوين، فكذلك يصرف ما لا ينصرف لمناسبة المنصرف.
ومنه قوله تعالى:{إنا أعتدنا للكافرين سلاسلًا وأغلالًا وسعيرًا} وكذلك قوله: {كانت قواريرًا. قواريرًا من فضةٍ قدرها تقديرًا}.