والأمر إن كان بغير افعل فلا ... تنصب جوابه وجزمه اقبلا
لما قدم أن الأمر ينتصب بعده الجواب إذا كان محضا، وكان كل ما يدل على الأمر المحض داخلا فيه، فدخل عليه ثم أسماء الأفعال كلها، إذ هي تدل على الأمر دلالة محضة، لا بالتأويل ولا بغير الوضع الأصيل- أراد أن يخرج ذلك، ويخص مواضع النصب، ويبين أن أسماء الأفعال لا يجري فيها ذلك الحكم، الذي هو النصب بعد الفاء.
وأيضا لما كان ما يدل على الأمر، وكانت دلالته غير محضة، خارجا عن أن ينصب معربا بعد الفاء، ـ بما قيد به هناك- أراد أن ينص هنا على أن الجزم جائز فيه، وإن لم يجز النصب، فقال:"والأمر إن كان بغير افعل" إلى آخره.
يعني أن الأمر إذا أتى في الكلام بصيغة غير صيغة الفعل المخصوص بالأمر- فلا يجوز النصب معه بعد الفاء، سواء كانت تلك الصيغة- للأمر في الأصل أولا، ويجوز الجزم إذا سقطت الفاء، وقصد معنى الجواب كما تقدم.
وقد تقدم أن صيغة (افعل) ينتصب معها الفعل بعد الفاء، فلذلك لم يذكره.
وقد ضم هذا الكلام من أنواع الصيغ الدالة على الأمر ثلاثة:
أحدهما: اسم الفعل، سواء كان على وزن (فعال) أو على غير ذلك.
فأما ما جاء على (فعال) فقولك: نزال أكرمك، ومناع زيدا من الشر تؤجر عليه، وتراك زيدا يخرج، ونحو ذلك، فتجزم بقصد الجواب، والجزم على ما تقدم.
ولا يسوغ النصب بعد الفاء، فلا تقول: نزال فأكرمك، ولا مناع زيدا فتؤجر عليه. وأجاز ذلك الكسائي من أهل الكوفة، وابن جنى من أهل البصرة،