بالمفرد، من حيث عدم الاستقلال، فقامت مقام صدر الجملة من عجزها، وصارت مع أداة الشرط كالصلة مع الموصول، وأنت تقول: أما الذي جاءني فأكرمه، كما قال تعالى: } وأما الذين سعدوا ففي الجنة} فالتقييد صحيح، والإخلال به فاسد.
والنظر الثاني: أنه يقصد أن يتكلم على حكم الفاصل بين (أما) وجوابها، وما العامل فيه، وكان حقه أن يبين ذلك، إذ ليس مما يهتدى إليه الناظر في هذا النظم، وفيه شغب وخلاف، فكان ضروري البيان، ولو قال مثلا:
وتلوها جزء الجواب قدما ... للفصل والأفعال لن تقدما.
أو ما كان نحو هذا لكان مجزيا، لأن الذي يفصل بين (أما) وجوابها هو جزء من الجواب، عامل أو معمول، كقوله: } فأما اليتيم فلا تقهر}} وأما ثمود فهديناهم} وأما الدار فزيد، وأما يوم الجمعة فأنت سائر، وأما ضاربك فزيد، ونحو ذلك، ولا يتقدم الفعل، فلا تقول: أما يقوم فزيد، ولا نحو ذلك.
ثم قال:"وحذف ذي الفاقل في نثر" إلى آخره.
يريد أن الفاء اللاحقة لتلوتلو (أما) بابها أن تكون ثابتة لازمة في موضعها، ثم إنه يجوز حذفها على الجملة، لكن ذلك فيها قليل إن لم يحذف معها القول، وهذا من كلامه يقتضي أن حذفها إذا حذف معها القول كثير، لأنه قال: