قال سيبويه: فأما الذين جروا فإنهم أرادوا معنى (من) ولكنهم حذفوها تخفيفا على اللسان، وصارت (علي) عوضا منها. قال: ومثل ذلك: الله لا أفعل. فإذا قلت: لاها الله لا أفعل، لم يكن إلا لجر، وذلك أنه يريد: لا والله. ولكنه صار (ها) عوضا من اللفظ بالحرف الذي يجر، وعاقبه. ومثل ذلك: الله لتفعلن؟ إذا استفهمت، أضمروا الحرف الذي يجر وحذوها تخفيفا على اللسان، وصارت ألف الاستفهام بدلا منه في اللفظ معاقبا ..
ولهذا نظائر أخر، مثل ما ذكره سيبويه في حذف الحرف الجار والتعويض. وقد حكى النحاس عن الزجاج أنه كان يخفض المميز هنا بكم، ولا يحذف شيئا.
وذكر ابن با بشاذ وحده أن مذهب إضمار الجار ليس مذهب المخففين. وقوله فاسد، ومذهب الجمهور المحققين، كما تقدم، إضمار الحرف.
قال ابن خروف: ولا يمكن الخفض بها، لأنها بمنزلة عدد ينصب ما بعده قولا واحدا، فيجب لما حمل عليه، ونزل منزلته، أن يكون كذلك.
قال المؤلف: فلو خفضا ما بعدها مرة ونصبته مرة لزم تفضيل الفرع على الأصل، وأيضا لو كانت صالحة للجر بها إذا دخل عليها حرف جر لصلحت للجر بها إذا عريت من الحروف الجارة، إذ لا شيء من الميزات الصالحة لنصب مميزها ولجره بإضافتها إليه يشترط في إضافته أن يكون هو مجرورا، فإذن الحق ما ذهب إليه الجمهور.
المسألة الثالثة قوله:"ووليت كم حرف جر" فقيد الجر بكونه بحرف،