بالقصد"" أي يقصد المتكلم الإفادة تحرزا من كلام الساهي والنائم والمجنون وكلام بعض الطير، فإنه لم يقصد في كل ذلك الإفادة، فليس بكلام اصطلاحا فيقول صاحب هذا التفسير: إن الناظم يدخل عليه في هذا الحد جميع ما أفاد مما لم يقصد به الإفادة، وأما من فسر "الوضع" بوضع العرب تحرزا من كلام الأعجمي، فإنه لفظ مركب مفيد، لكنه ليس بوضع العرب، فليس بكلام اصطلاحا، فيقول: إن الناظم يدخل عليه كلام الأعجمي، فإنه ليس معه ما يخرجه عن الحد، فإن قلت: ما تنكر من أن يكون الناظم جاريا في تفسير الوضع على هذا الثاني، ويكون قوله:(كاستقم) يريد به الإشارة إلى هذا القيد الذي هو الوضع، فإن العرب هكذا وضعته لمعنا الذي دل عليه، وهذه عادته أن يعطى القيود والأحكام بالأمثلة، وهو كثير في كلامه فهذا من ذلك، فكأنه يقول: كل ما كان من الكلام هذا سبيله من كونه على طريقة العرب ووضعها، فهو الذي يسمى كلاما عند النحويين، فهذا ممكن أن يقال لولا أن مذهب المؤلف غير هذا من تواليفه أنه يريد الوضع بالتفسير الأول، وقد صرح به في "التسهيل" فقال: والكللم ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته وفسره في "الشرح" على ذلك، وقال: تحرزت به من حديث النائم، ومحاكاة بعض الطيور الكلام، فقد نص على أنه لم يقصد هذا المعنى الثاني في تفسيره "الوضع" إلا أنه قد يقال: إنه ذهب ها هنا إليه ولم ير ما ارتضاه في "التسهيل" ولا يبعد هذا، فقد يكون للعالم المجتهد نظر في وقت لا يرتضيه في وقت آخر، فهما قولان للناظم على هذا المحمل، وهذه عادته في مسائل