(رأيت زيدًا) قلت: أي زيد؟ فليس إلا الرفع، تجريه على القياس. ووجهوا اختصاص الحكاية بـ (من) بوجهين:
أحدهما: كثرة استعمال (من) قال سيبويه: وإنما جازت/ الحكاية في (من) لأنهم لـ (من) أكثر استعمالاً، وهم يغيرون الأكثر في كلامهم عن حال نظائره.
والثاني: أن (من) مبنية لا يظهر فيها قبح الحكاية لسكونها في كل حال، بخلاف (أي) فإنه لو حُكي بها فقيل: أي زيدًا؟ وأي زيد؟ لظهر القبح في اختلاف إعرابي المبتدأ والخبر.
قال ابن الضائع: والأول أولى، وعليه اعتمد سيبويه، وعلل ابن خروف بالوجهين، وزاد ثالثا وهو كون (من) على حرفين. وفي ضمن هذا الشرط حصل حكم (أي) في باب "الحكاية" من كلام الناظم، فلم يغفل ذكر ذلك.
والثالث: خلو (من) من أن يقترن بها عاطف داخل عليها، فإنه إذا كان كذلك لم تجز الحكاية، ورجع إلى القياس، فإذا قيل لك: رأيت زيدًا، فقلت: ومن زيد؟ فليس إلا الرفع، وكذلك في: مررت بزيد، ونحوه. وكذلك الفاء إذا قلت: فمن زيد؟
وسبب ذلك أن الغرض بالحكاية بيان أن المسئول عنه هو المتقدم الذكر لا غير، فإذا عطفت جملة السؤال على كلام المسئول صار في ذلك بيان أن المسئول عنه هو الأول، لأنك لا تبتدئ سؤالاً عما لم يذكر مصدرًا