وعدم الشذوذ لا يشعر بها أن لو قال:(وشذ)، وقال فيما قبل هذا:(وشذ) فأتى بلفظٍ يُشعر بضيق في الباب لا يُشعر به (ندر)، مع أن الاستقراء قد ظهر منه أن ما تركت فيه الهاء من الثلاثي أكثر وأوسع في السماع مما لحقته من الرباعي، وأن ما لحقته من الرباعي حكوا في الأول ألفاظاً صالحة، ومنها ألفاظ لها وجهٌ من القياس، ولم يحكوا في الثنائي إلا لفظتين أو ثلاثة، ولم يذكروا غير ذلك، ولو وجدوا لذَكَروا، فكان الأحق أن لو عكس العبارة، فأتى بلفظ الندور في الأول، فكان يقول فيه:(وندر تَرْكٌ دون لبس)؛ وأتى بلفظ الشذوذ في الثاني، فكان يول فيه:(وشذ لحاق التاء فيما زاد على الثلاثي) فما وجه ما قال؟
فالجواب أن لفظ الندور لا يقتضي سهولةً، وإنما يقتضي غاية القلة على الجملة، وأما (شذَّ) فهو مقتضٍ للانفراد عن الجمهور؛ لقولهم: شذت الشاة / عن الغنم إذا خرجت عن جملتهم، وإذا كان كذلك فمحصول الحال توفقهما في المعنى، إلا أن لفظ الشذوذ مُشعر بخروجٍ عن جنسه مخصوصٍ، وذلك موجود فيما قال فيه شذوذ، وذلك أن الأصل القياسي أن تلحق التاء في المصغر مطلقاً، كما مرَّ بيانه أول الفصل، فكل ما لحقته من المصغر فهو على القياس،