أحدهما: الإدخال لما تبنيه في كلام العرب والإلحاق له به. ومثّله بما
ذكر في الحدّ.
والآخر: التماسُكَ الرياضة به والتدرُّب بالصنعَةِ فيه. ومَثَّله بأن تَبْنِيَ من
شَوَيتُ مثل فَيْعَلولٍ، فتقول: شَيْوَوِيٌّ، ونحو ذلك.
فكلاهما راجع إلى معنى واحد، إلا أن أحدهما في الصحيح والآخر في
المعتل وإذا كان كذلك فالصرفُ الذي ذكره الناظمُ من معنى التصريفِ
المصطَلح عليه، لكن على لحظ الأصل. ولذلك صح أن يُطلِق عليه صرفا، وإلا
فكان يكون إطلاقُه الصرف عليه اصطلاحا ثانيا، ولا يُحمَل على هذا ما أمكن.
ثم نرجعُ إلى تفسير كلامه، فأولُ ما قال:
حَرْفٌ وَشِبْهُهُ مِنِ الصَّرْفِ بَرِي ... وَمَا سِوَاهُمَا بِتَصْرِيفٍ حَرِيّْ
فبيَّن أولا موضوعَ علم التصريف، وموضوعُ كلِّ علمٍ ما يُبحث في
ذلك العلم عن عوارضه الذاتية، كما تقول: موضوعُ علم العروضِ الشعرُ،
وموضوعُ علمِ اللغة مفردات كلام العرب؛ فكذلك تقول: موضوع علم التصريف
الأسماءُ المتمكنة والأفعال المتصرفة. وما ليس باسمٍ متمكِّن ولا فِعْلٍ متصرفٍ
فليس بموضوعٍ له. فالأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة يُبحث في هذا العلم
عن عوارضها التي تلحقها في التقلبات من الزيادة والنقصان، والصحة
والإعلال، بالقلب والإبدال ومحالِّها وشروطها وموانعها وأسبابها وشبه
ذلك. فيعني أنّ التصريفَ لا يدخل في الحروف البتّة، ولا يدخل أيضا فيما
أشبه الحروف، وحَصَر هذا في قسمين أما الحروفُ فعدمُ دخولِ التصريف
[٢٢١]