يصير ألفا، وتارة واوا، وتارة ياء، أرادوا أن يبدلوا منه حرفا جلدا يبقى على حالة واحدة مع اختلاف الحركات، فأبدلوه تاء، ثم أدغموا لضرورة اجتماع المثلين، فهو من قبيل اجتماع المثلين لا من قبيل إدغام المتقاربين. على هذا النحو جرى الحكم في اطرد واطلع ونحوه، وذلك أنه من باب اضطلع واصطبر، لما أرادوا تقريب التاء لانسفالها من حروف الاستعلاء، أبدلوها طاء، فحين لم تلق الطاء المبدلة طاء أخرى بقي الأمر على (حاله) كاصبطر [كاصطبر] واضطرب، ولما لقيت طاء ألزم الإدغام بحكم الاتفاق ولم يقصد إلى إبدال التاء طاء لأجل كون ما قبلها طاء، فالقصد التقريب لا الإدغام. وستأتي الإشارة إلى هذا في موضعه إن شاء الله تعالى. فإذًا القيد المذكور معترض به على الناظم، وهو قوله:(في غير إدغام) إذ لا بد منه، إذ معناه في غير قصد الإدغام، وههنا لم يقصد الإدغام، وإنما أدى إليه الحكم.
والجواب عن الاعتراض الأول: أن كلامه إنما هو في الإبدال المطرد؛ لأن النحوي لا كلام له في الأمور السماعية إلا بالعرض، والمقصود بالذات هو ما تعلق به القياس، وإذا كان كذلك فليس إلا ما ذكر. وما اعتُرض به من إبدال السين صادا أو زايا ليس بالكثير، وإنما يكون ذلك في لغة قليلة، ولذلك حين بوَّب سيبويه على ذلك قال: هذا باب ما تقلب فيه السين صادا في بعض اللغات