أحدهما: أن يكون الجار صفة ناصبة للمجرور تقديرا وهو الذي شرع فيه الآن.
والثاني: أن يكون الجار غير صفة وهذا نوعان:
أحدهما: أن يكون مما يجوز قطعه عن الإضافة وذلك نحو كل وبعض.
والثاني: أن لا يكون كذلك، فهذه أربعة أقسام، تكلم نصا على قسمين منها وترك قسمين آخرين.
ولما قيد الجواز فيما ذكر بأوصاف دل على أن ما عدم تلك الأوصاف لا يجوز حذفه فاقتضى وصف الجار بكونه صفة ناصبة له تقديرا أنه إن لم يكن كذلك فلا يجوز حذف المجرور وليس كذلك، بل فيه تفصيل فإنه لا يخلو أن يكون الاسم الجار هنالك يجوز قطعه عن الإضافة أولا، فإن كان مما يجوز قطعه عن الإضافة جاز حذفه إذا دل عليه الدليل، كما إذا أخبرت عن القوم من قولك: مررت بكل القوم، فقلت: الذين مررت بكلمهم القوم، وكذلك بعض إذا قلت: الذين مررت ببعضهم القوم، فيجوز أن تقول: الذين مررت بكل القوم والذين مررت ببعض القوم، كما تقول: أعجبني الذين كل قائم أو قائمون وما أشبه ذلك، نص على هذا ابن الضائع في فصل الأخبار من "شرح الجمل" وأجرى عليه بعض شيوخنا "قبل" و "بعد" فتقول: أجبني الذين قاموا والذين قام زيد بعد، أي بعدهم، وكذلك في "قبل" وهذا القسم مما يغفل النظر فيه أكثر النحويين منهم ابن مالك في "التسهيل" وغيره من كتبه، فالاعتراض (عليه) وارد من حيث أفهم كلامه امتناع حذف الضمير العائد من الموصول، وإن كان مما لا يجوز قطعه عن الإضافة،