عجل لنا هذا وألحقنا بذال ... بالشحم إنا قد مللناه بجل
فأفرد "أل" وأعادها في البيت الثاني وذلك يدل على قوة اعتقادهم لقطعا فصار قطعهم "أل" وهم يريدون الاسم بعدها كقطعهم "قد" وهو يريد الفعل بعدها كقول النابغة الذبياني:
أفد الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد
التقدير: وكأن قد زالت فقطع "قد" من الفعل كقطع "أل" من الاسم، وعلى هذا قالوا:"ألى" في التذكر، كما قالوا: قدى.
ومن الدليل للمذهب الآخر وهو زيادة الهمزة وعروها عن الدلالة- أنهم أوصلوا حرف الجر إلى ما بعد حرف التعريف نحو: عجبت من الرجل ومررت بالغلام وذلك يدل على أن حرف التعريف غير فاصل بين الجار والمجرور، وإنما كان كذلك لأنه في نهاية اللطافة والاتصال بما عرفه، ولا يكون كذلك إلا لأنه حرف واحد لاسيما وهو ساكن، ولو كان عندهم حرفين كـ "هل" و "بل" و "قد" لما جاز الفصل لاستقلال الحرف، ومن ثم أنكروا على الكسائي قراءة، {ثم ليقطع} بإسكان اللام، و {ثم ليقضوا}، لأن "ثم" قائمة بنفسها، ليست كالواو والفاء، وأيضا فإن التنكير لما كان مدلولا عليه بحرف واحد وهو التنوين كان التعريف الذي هو مقابله مدلولا عليه بحرف واحد وهو اللام؛ لأن الشيء يحمل على ضده، كما يحمل على نظيره.