والثالث: اسم الإشارة نحو: يا هذا الرجل، وهذا مما فيه الألف واللام فلقائل أن يقول: قد تجوز هذه الأوجه الثلاثة هنا، والثاني أن هذا الحكم إن كان ضروري الذكر هنا، فكذلك ما تقدم مما فيه الألف واللام زائدة أو غيرها فكان حقه أن يذكر حكمها مع النداء والإضافة وإن لم يكن ضروريا، وإنما باب ذلك باب النداء، وباب الإضافة، فكان من حقه أن يدع ذكره إلى أبوابه، لكنه لم يفعل، بل خص الألف واللام الغالبة بالذكر هنا، فما وجه ما فعل من ذلك؟
فالجواب عن الأول: أن من شرط الألف واللام التي يتوصل بأي أو بهذا إلى نداء ما هي فيه أن تكون جنسية نحو: يأيها الرجل ويأيها الناس، وكذلك يا هذا الإنسان ويا هذا الرجل والألف واللام في النابغة والصعق ونحوهما ليست كذلك، فلا يصح إذا نداؤها بأي ولا بهذا، فلم يبق إلا ما ذكره الناظم من حذفها، فهو إذ ذاك واجب لا يصح العدول عنه إلى غيره، وعن الثاني أن مراده هنا بيان لزوم الألف واللام في ذي الغلبة، لا بيان حذفها مع النداء والإضافة، بل معنى كلامه أن الألف واللام لا تحذف من ذي الغلبة إلا لعارض يلزم معه حذفها أو في قليل من الكلام فبين العارض ما هو حتى يظهر أين يلزم إثباتها، ودل على ذلك قوله بعد:(وفي غيرهما قد تنحذف) أي: قليل، ولزم من ذلك أن القياس والكثير في كلام العرب ألا تنحذف، بل تثبت مطلقا، فأما ما تقدم من أنواع الألف واللام فغير محتاجة إلى هذا النوع من التنبيه، فالزائدة لا تحذف البتة، إما لأنها لا تقبل النداء ولا الإضافة كالآن، أو لا تقبل أحدهما كالذين واللاتي، وهي لا تقبل