وأغنى" هو معنى قوله: (وأول مبتدأ والثاني فاعل أغنى) في كذا، وقد مر شرح ذلك، فلا تظنن أنه أتى بمثالين على ظاهرهما وهكذا عادته في هذا النظم فأعطه حظا من نظرك، فإن فيه دفائن قلما يتنبه لها إلا من أعطاه حقه في التفتيش والبحث والله المستعان، و "سار" اسم فاعل من سرى يسري سرى، وهو سير الليل بخلاف سار، فإنه ليس كذلك. وأسرى أيضا بمعنى سرى و "ذان" تثنية "ذا" اسم الإشارة للقريب المذكر، ويتعلق بكلام الناظم مسألتان:
إحداهما: أنه لما أتى بالمثال الذي ناب فيه الفاعل عن خبر المبتدأ قرنه بهمزة الاستفهام، فدل ذلك من إشارته على أن لحاقها من شرط هذا الحكم، فلا يجوز إذا أن يرفع اسم الفاعل ونحوه من الصفات فاعلا منفصلا ينوب عن الخبر إذا لم يقرن بهمزة الاستفهام/ ولا بما يقوم مقامها فلا تقول: لا قائم الزيدان ولا سار ذان، وهذا تنبيه على طرف من شرط اسم الفاعل وهو أن يكون معتمدا على متقدم قبله، ومن جملة ما يعتمد عليه الاستفهام والنفي، وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله، لكن الخاص من الاعتماد بهذا الموضع هو ما ذكره، لأنه يعتمد عليه المبتدأ الذي هو في ذكره بخلاف غير ذلك من وجوه الاعتماد كوقوع اسم الفاعل خبرا، أو حالا، أو صفة، أو منادى، أو غير ذلك، فإن ذلك خارج عن باب الابتداء فإن كان كذلك ثبت أن الاقتران بهمزة الاستفهام شرط في كون المبتدأ يرفع الظاهر النائب عن الخبر وهو رأي الجمهور.