مَعْنى كائِنٍ أوِ استقَر فجعله منويًا لا يَظْهَرُ، وجعله أيضًا في عداد المعاني لا في عداد الألفاظ الصريحة، وجعله أيضًا مما تُنُوسِيَ في الخبريّة حتى كأنّ الظرف والمجرور هما الخبر بأنفسهما، حيث قال: وَأخبروا بكذا. وهذا يقتضي ما تقدم من مذهب ابن السراج والفارسيّ وغيرهما في كون قولك: زيد عندك، وزيدٌ في الدار - قسمًا برأسه بين المفرد والجملة. وهو مخالف لما ظهر من كلام ابن خروف أيضا ورأيه في المسألة.
وإذا ثبت هذا توجه النظر إلى قوله:«ناوينَ مَعْنى كائِنٍ أو اُستقرّ وهو يحتمل بحسب إتيانه بأو وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك منه تخييرًا في أحد التقديرين، فلك أن تُقَدِّر الخبر اسم فاعل، ولك أن تقدّره جملةً فعلية، أي: إنّ هذا بحسب التقدير المعنوي سواءٌ، كما أنك تُقَدِّر ذلك من لفظ «كان» أو «حصل»، أو «ثبت» أو «استقر»، أو «وُجِد»، أو نحو ذلك. فلا يتعيّن للتقدير لفظ دون آخر، لأنّ المرادَ المعنى العامُّ، فكذلك تقدِّر معنى الفعل هنا في صيغة فعل أو اسم فاعل؛ إذ هو تقدير معنوي أو كالمعنويّ. وهذه الطريقة جاريةٌ على ما تقدّم من مذهب ابن السراج والفارسيّ، وهو أحد المذاهب في المسألة؛ إِذْ قد اختلفوا في هذا المقدّر ما هو، على أربعة مذاهب:
أحدها: أن يقدّر فعلا مطلقًا لأنه عاملٌ في الظرف والمجرور، والأصل في العمل أن يكون للفعل، وإنما اسم الفاعل [في العمل] فرعٌ عنه، وتقدير الفعل الذي هو أصل أولى لأن الحذف تصرّف، والأصل أعرقُ في التصرُّفِ من