فيخرج هذا القسم باشتراط الناظم وقد يكون راجعا إلى معنى الكون والاستقرار لِغَلَبةِ حذف ذلك المتعلّق، كقولك: الحمدُ للهِ، {ولله الأَمْرُ مِنْ قبلُ وَمِنْ بَعْدُ}، {ومَثَلُ نُوُرِه كَمِشكاةٍ}. وما أشبه ذلك؛ لأنّ العرب قَلّما تتكلّمُ هُنَا بالخبر، وإذا كان كذلك صار من جهة المعنى إلى القسم الأوّل، فيقدّر: الحمد ثابتُ لله، ومستقرّ الأمر لله، وبهذا التّقْدير تجدُ المعربين يقدّرونه ويدلُّ على هذا القصد قولهم: زيد كأسدٍ، فإن الأصل فيه:[زيد] شبيه بالأسد، فحذف اسم الفاعل وعوض منه الكاف. وهذا التعويض يدلّ على اطراح حكم «شبيه» في التقدير؛ إذ لو كان معتبرًا لم يصحّ تعويض الكاف منه، إذ لا يصح الجمع بينهما، فلا يقال: زيدٌ شبيه كعمرو. فكأنّهم رجعوا في التقدير إلى: كائن ومستقر، وأقاموا الكاف مقام شبيه في الدلالة على معنى الشبه. وهذا ظاهر. وعلى ذلك يكون هذا القسم داخلصا تحت ما يكون من المجرورات خبرًا. وبهذا الاعتبار يبقى كلامُ سيبويه في: زيدٌ على البصرة، ونحوه، محمولًا على ظاهرة، ولا يلزم اعتراض ابن الطراوة فتأمّله. وإذا تقرّرَ هذا ظهر أنّ كلام الناظم قد اشتمل على اشتراط التّمام، ودخل في ضمنه فوائد جَمّة لو تتبعتُها لطال الكلام، فتركتُ لك ذلك أيها الناظرُ في كلامه.
وإذا قلت: زيد عندك، أو زيد في الدار، فمعنى الاستقرار -إذا كان هو المراد- مفهومٌ، فإن لم ترد ذلك المعنى وقصدت: زيد مقيم، أو آكل عندك أو