للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللين؛ ولذلك لم تحذف نون: لم يَضُن، ولم يَهُنْ، ولم يَبِينْ؛ لأنها لم يكثر استعمالها كثرة استعمال لم يكن. وكأن المؤلف لم يعتمد إلا على كثرة الاستعمال، فبنى عليه التعليل بالاستثقال ولم يراع الشبه بحرف اللين لأجر السماع في زعمه.

وأطلق القول في حذف هذه النون، ولم يقيّد ذلك بشئ، فدلّ على أن الحذف عنده مطلقٌ، كان بعدها ساكن أولا، فكما تقول: لم يك زيد قائما، كذلك تقول: لم يكُ الرجل قائما. وهذا مذهب يونس، وبموافقته صرّح في التسهيل وشرحه. وأما سيبويه فاستثنى من ذلك ما إذا لقي النونَ ساكنٌ فَثبتُ عنده النُون فيه فتقول: لم يكنِ الرجلُ قائما. ولا يجيز الحذفَ، لأن الوجهَ الذى لأجله جازَ الحذفُ عنده لم يتم؛ إلا ترى أنّ السكون قد زال من النونِ لأجل الساكن، فضعُف شبهُ النون بحرف اللين، حيث قَويت النونُ بالحركة، فلم يَجُزِ حذفها. واحتج ابن مالك لما ذهب إليه بأن النونَ لم ُيحذف لما ذكر من شبهها بحرف اللين على الإطلاق؛ بل لأجل التخفيف، وثِقلُ اللفظ بثبوتها قبل ساكن أشدُّ من ثقله بثبوتها دون ذلك، فالحذف حينئذ أولى. ولا يقال: إن السماع مع سيبويه؛ ألا ترى كيف جاءت النونُ فيه محذوفةً دون الساكن، وثابتةً البتةَ مع لقائه، فجاء: {وَلَاتَكُ في ضَيقٍ} {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المسْكينَ}. وجاء {لَمْ يَكُنِ اللهُ ليَغْفِرَ لَهُمْ}، {لَمْ يَكُنِ الّذِينَ كَفُروا}، ولم يأت فيه الحدفُ مع الساكن أصلًا، فدلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>