الباء، فتقول: ما زيد قائمًا، لجواز ما زيد بقائم، ولا يجوزك ما قائما زيد، ولا ما زيدٌ إلا قائما؛ إذ لا يجوز: ما بقائمٍ زيد، وما زيد إلا بقائم.
فالجواب: أن إسقاط الجارّ ليس من شأنه ذلك، بدليل وجود الرفع عند إسقاطه، كقولك: بحسبك زيدٌ، وحسبُك زيد، وما في الدار من رجلٍ، وما في الدار رجلٌ. وكثير من ذلك؛ فإنما النصب والرفع عند إسقاطه لمقتضٍ آخر لا لنفس الإسقاط. وهذا الموضع لو لم تكن «ما» فيه عاملة في الخبر، لكان النصبُ لغير مقتضٍ، وهذا لا نظير له. وبعضُ هذا المعنى للفارسى في التذكرة، وبعضه لابن الأنباري.
وأمّا كونُ النصب حيث تدخل الباء، وعدمه حيث لا تدخلُ، فمنتقَضٌ بما التى دخلت إِنْ؛ فإنك تقول: ما إن زيد بقائم، ولا مانعَ من هذا، ولا تقول: ما إن زيدٌ قائمًا، فلا حُجُةً فيما زعموا. وأيضا فإن النصب مختصٌّ بلغة أهل الحجاز كما تقدم، والباءُ في الخبر لا تختصّ بهم دون بني تميم، فلو كان إسقاط الخافض يوجب النصب لكان موجودًا في اللغتين، لكن ذلك باطل بالإجماع، فبطل ما أدّى إليه. وسيأتى ذكرُ دخولِ الباء في الخبر، إِن شاء الله.
ثم أخذ في ذكر شروط إعمالِ ما عَمَل بقوله:«دُونَ إِنْ مَعَ بَقَا النّفْي» .. إلى آخره،
فاشترط ثلاثة شروط:
أحدها: أن لا يكون معها إِنْ، وذلك قوله:«دُونَ إِنْ». وهو ظرف متعلق بأُعْمِلَتْ أى: أُعْمِلت ما إذا كانت منفردة عن «إِنْ»، فلو كان معها إِنْ لم تعمل،