وكانت الجملة مفردةً عن ما، فكما يجوز لك] أن تقول: طعامَكَ زيد آكلٌ، كذلك إذا دخلت ما وهى غير عاملة؛ قال سيبويه في هذه المسألة:«فإن رفعتَ الخبرَ حَسُن حملُه على اللغة التميميّة، كما قلت: أَمّا زيدًا فأنا ضارِبٌ، كأنّك لم تذكر أَمّا، وكأنّك لم تذكر ما، وكأنك قلت: زيدًا أنا ضاربٌ».
فإن قيل: فتفسرُ مرادِ الناظمِ في الترتيب أَنّه أرادَ ترتيبَ معمول الخبر على الخبر، كما أراد ترتيب الخبر على الاسم -غيرُ فحتاج إليه لتقدم ذكره في القاعدة المتقدمة. وأيضا ليس التقديم مبطلا للعمل، بل العملُ هو المانعُ من التقديم في كان وإنّ، بخلاف تقديم الخبر على الاسم. والدليل على ذلك قول سيبويه:«فإن رفعت الخبر حَسُن حملُه على اللغة التميمية»، ولم يَقُلْ إن ذلك مما يستعملُه أهلْ الحجاز، بخلاف تقديم الخبر، فإن أهل الحجاز يقدمون ولا يعملون، كما أنهم ينسخون النفي فلا يعملون، فأهل الحجاز يقولون: ما زيدٌ إلا قائم، وما قائم زيد، ولا يقولون: ما طعامَك زيد آكلٌ، ولا آكلًا، بمقتضى قول سيبويه المتقدم. وأيضًا قال بعد إنشاء البيت:«وقال بعضهم:
وما كلُّ مَنْ وَافَى مِنًى ... ...
لزم اللغة الحجازية». قال الشلوبين: إنما هو أن بعض أهل الحجاز أنشد هذا البيت فاضطر إلى الرفع، أى لما لزم اللغة الحجازية رفع. وأيضًا فإن هذا على الحجازية أولى، لأن التميميّ لا يضطرّ إلى الرفع لإمكان النصب، ولا يمكن لأهل الحجاز إلا الرفع. فالحاصل أن تقديم معمول الخبر