هذا الموضع. والسر في ذلك أنّ التقديم المعتبر في إبطال عمل ما هو تقديمُ الخبر نفسه، لا تقديمُ معموله، فثبت أَنّ تقديم المعمول مؤذنٌ بتقديم العامل، فالعامل بعدُ لم يتقدّم، وإذا لم يكن متقدّمًا فكيف يبطل العمل مع وجود شرطه. وأيضًا فالمتقد هنا من معمولات الخبر إِنّما هو الظرف أو المجرور، وهما مما يُتّسع فيها؛ ألا ترى أن المعمول إذا كان غير ذلك لم يتقدّم، فلا تقول: ما طعامَك زيدٌ آكلا -وقد مر ذلك- فأخبرك الناظم أن هذا التقديم مُغْتَفَر غيرُ قادحٍ في صِحّة عَمَلِ ما.
ونَسَبَ جوازَ المسألة للعلماء، ولم ينسُبْ ذلك للعرب، ولا أطلَقَ القول، ليُنَبّه -والله أعلم.
/ على أنّ السماعَ في مثلِ هذا معدومٌ، أو في حكم المعدومِ. على أنّه أنشد في الشرح بيتًا عَجُزه:
فَما كلّ حِينٍ مَنْ تُوَالِى مُوالِيَا
وذلك في السماع قليلٌ، إلا أَنّ القياس قابل له؛ إذ لا فَرْقَ بين كان وما فيه هذا المعنى، فكما جازَ ذلك في كان، كذلك يجبُ أن يَجُوزَ في ما. وهو قياسٌ صحيحٌ. والله أعلم.