لإِنّ: متعلّق بمحذف هو خبرٌ للمبتدأ، الذى هو عكسُ -وأراد: لإِنّ، وأنّ، وليت ولكّ، ولعلّ، وكأنّ. فحذف العاطف على عادته.
ويعنى أنّ هذه الأدواتِ لها من العمل في المبتدأ والخبر عكسُ ما ثبت لكان فيها، وقد تقدّم أن كان ترفع المبتدا وتنصب الخبر، فعكسُ هذا -الذى هو نصبُ المبتدأ ورفعُ الخبر- ثابتٌ لإنّ وأخواتها. والذى دلّ على أنها تعملُ في المبتدأ والخبر إحالتُه على [عمل كان، فقد ثبت ذلك فيها، فكذا في هذا ووجه ثبت عكس العمل هنا أنّ إِنّ وأخواتها لمّا ساوتْ كان في العمل، [و] أرادوا أن ينبهوا على فرعيّة العمل فيها- عكسوه، فجعلوا النصب في الاسم والرفع في الخبر، ليكون معها كمفعول قُدِّم وفاعل أُخّرِ.
فإن قيل: فِلمَ لَمْ يكن مثل هذا في ما وأخواتها؟ فالجواب: أنهم أرادوا أيفصلوا بين ما يُشْبِه الفعلَ ولفظُه لفظُ الفِعْلِ، وبين ما يشبه الفعلَ وليس لفظُه لفظَ الفِعْلِ، قاله الزجاج؛ وذلك أَنّ لفظ هذه الحروف كلفظ الفعل لكونها ثلاثيّةً فما زاد، وكونها مفتوحة الأواخر، فأرادوا أن يفرقوا بينهما ليتبيّن الحرف من الفعلِ، بخلاف ما وأخواتها فإنها متميزة الألفاظ من ألفاظ الفِعْلِ، فلم يحتاجوا إلى تفرقة. وأيضا الفرعيّة فيها تظهر في جهة أخرى، وذلك في إبطال العمل عند تقديم الخبر ودخول إلّا ونحو ذلك. وهذا كلّه تعليل بعد