قال: وابتدعوا رهبانية ابتدعوها. ألا ترى أن الرهبانية لا يستقيم حملها على جعلها مع وصفها بقوله: ابتدعوها لأن ما يجعله هو تعالى لا يبتدعونه هم. وجعل هذه هي التي تتعدى إلى مفعول واحد لأنه بمنزلة عمل, كقوله عز وجل:{وجعل الظلمات والنور}{وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم}. وجعل فعل استُعمل على ثلاثة أضرب: أحدهما يتعدى إلى مفعول واحد وهو ما تقدم ذكره. والثاني أن يكون بمعنى التسمية فيتعدى إلى مفعولين كقوله عز وجل:{وجعل الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً} وكقول القائل: جعلت البصرة بغداد, وجعلت حسنى قبيحاً. فهذا في الإعمال كحسبت وظننت في أن المفعول الثاني هو المفعول الأول. والثالث أن يكون بمعنى ألقيت كقولهم: جعلت متاعك