للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو حانة من الخشب الأحمر

يرتادها المطر والغرباء

ومن شبابيكي الملطخة بالخمر والذباب

تخرج الضوضاء "الكسول"

إلى زقاقنا الذي ينتج الكآبة والعيون الخضر

حيث الأقدام الهزيلة ترتفع دونما غاية في الظلام

أشتهي أن أكون صفصافة خضراء قرب الكنيسة

أو صليبًا من الذهب على صدر عذراء

قلي السمك لحبيبها العائد من المقهى

وفي عينيها الجميلتين ترفرف حمامتان من بنفسج١

هذا نموذج مما يسمى بـ "قصيدة النثر" وهو كما يرى القارئ نثر اعتيادي لا يختلف عن النثر في شيء. ولسوف نعود، في موضع آخر من الكتاب، إلى مناقشة هذه الدعوة من وجوهها المختلفة.

من كل ما سبق نرى أن نشوء حركة الشعر الحر في عصر الترجمة عن الشعر الأوروبي قد أساء إليها وجعل القراء غير العارفين لا يميزون بينه وبين النثر الذي يترجم به الشعر الأوروبي. وجاءت الإساءة الثانية من "الدعوة إلى قصيدة النثر" كما يسمونها، فأصبح القارئ يقرأ الشعر الحر وهو موزون فيخلط بينه وبين نثر تترجم به قصائد أجنبية، ونثر عربي اعتيادي يكتبه الأدباء مقطعًا ويسمونه في حماسة غير علمية شعرًا. وكيف يميز قارئ غير شاعر بين النماذج التالية المتشابهة ظاهريًّا؟ كيف يدري أيها هو الشعر وأيها هو النثر؟


١ خاطرة "أغنية لباب توما" لمحمد الماغوط. كتاب "حزن في ضوء القمر"، مطابع مجلة شعر. بيروت ١٩٥٩.

<<  <   >  >>