للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند نهاية الشطر العروض. وهذ القانون يسري على الشعر في العالم كله، فحيثما وجد الشعر كان وزنه هو الذي يتحكم في كتابته. إننا لا نقف بحسب مقتضيات المعاني، وإنما نقف حيث يبيح لنا العروض. ولذلك كان القدماء يشطرون الكلمة شطرين لمجرد أن يقفوا في آخر الشطر كما في كلمة "اليمني" في قول الشاعر:

وبعبد المجيد شلت يدي اليمـ ... ـنى وشلت به يمين الجود١

كان أسلافنا صارمين في احترامهم للشطر وللوقف العروضية في آخره، وفي آخر البيت. ذلك مع أن شعرهم كان ذا أشطر متساوية عروضيًّا، فحتى لو أنهم رصوه دون أن يقفوا في آخر الشطر، لما أساء ذلك إلى شعرهم لمجرد أنه موزون وزنًا شطريًّا كاملًا، بحيث لا يبقى عليه خوف حتى من أن يكتب في أسطر، دونما فواصل تفصل الشطر عن الشطر. إن هذا هو ما فعله مؤلفو كتاب عن "شكسبير" أصدرته سلسلة "اقرأ" فقد كتبوا الشعر كما يلي:

"أي صديقي بروت، أصغِ لقولي: أنا هذا مرآة صدق سأبدي لك ما لم تكن ترى من خلالك. لا تظن الظنون بي يا صديقي، لست بالضاحك اللعوب مجونًا، لا ولا بالمهين أبذل حبي وولائي لكل من يلقاني. لا ولا بالذي يهش ويلقي أحسن القول للحضور رياء، فإذا ما مضوا أساء حديثًا.

إن هذا الشعر مكتوب على شكل النثر. ولكنه في الواقع نظم لا نثر؛ لأنه موزون وزنًا كاملًا وإن كانت لغته مصطنعة ركيكة، ولو كتبناه بموجب الأشطر للاح كما يلي، من البحر الخفيف:


١ عبد الله بن مناذر يرثي ولده عبد المجيد.

<<  <   >  >>