فضلًا شنيعًا متواصلًا بين أشياء لا تسيغ اللغة العربية أن يفصل بينها مثل الجار والمجرور في قوله:
... ... ... سوى ريح وعتم في
أراض جوها نار ... ... ...
فجعل حرف الجر في شطر ومجروره في شطر آخر. ومثل المضاف والمضاف إليه وقد فصلهما الشاعر بلا مبالاة في قوله:
... ... ... ... أنبقى في متاه
الرمل أقدامًا تجر ... الجوع والحمى
وفي قوله:
.... أحداقًا رسا فيها فراغ
الهوة الكبرى.....
ومثل الفصل بين اسم الإشارة والمشار إليه في قوله:
... ... أكانت هذه
الأشياء لولانا ...
ومثل الفصل بين "مثلما" وفعلها في قوله:
... ... وموت مثلما
كانت ليالينا وآتينا..
وفوق ذلك كله ارتكب الشاعر بدء سطر بهمزة وصل وهو أمر مستحيل لأن العرب لا تبدأ بساكن قط. وقد مر مثل هذا في نموذج الفصل بين المضاف والمضاف إليه وغيره.
ويسأل الناقد الحيران نفسه: ترى لماذا يتكلف الشاعر كل هذا التصنع في لغته فيفصل بين ما لا ينفصل ويبدأ بهمزة وصل ونحو ذلك؟ إن الشاعر لا يفعل مثل هذا إلا وهو واقع في ورطة بسبب الوزن، فعل ترى ساقت هذا الشاعر ضرورة قاسية إلى أن يقسر قواعد لغتنا بهذا الشكل القبيح؟