للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن البحث ينتهي بنا إلى الخيبة. وسرعان ما يثبت لدينا أن هذا الشاعر يرتكب الإساءات إلى اللغة العربية دونما داعٍ من أي نوع. على العكس، إن قصيدته تكون أكمل وزنًا ولغة لو أنه كتبها بحسب مقتضيات استقلال الشطر. والحقيقة المرة التي ستصدمنا أن أبيات الشاعر سالمة عروضيًّا، في حقيقة الأمر، فليست هي من الهزج والرمل والرجز كما لاحت لنا، وإنما هي من "الهزج" وحده ولم يخرج الشاعر فيها عن الوزن.

كيف حدث هذا إذن؟ أترانا نحن الذين نجهل الوزن؟ الجوابُ نفي. وإنما وقعنا في الخطإ لأن الشاعر أراد لنا ذلك حين أساء رصف قصيدته. وإنما كان ينبغي له أن يكتبها بحسب إيقاع وزنها، فلا ينهي الشطر إلا ختام التفعيلة، ولا يبدأ شطرًا بنصف تفعيلة. وها نحن نشطب صورة قصيدته كما كتبها هو ونعيد رصف أشطرها بحيث يتضح فيها وزن "الهزج":

على وجهي رمال الشك أصواتٌ بلا معنى

رمال تشرب الغيم المدوي عند آفاقي

فلا ذكرى أغنيها ولا وعد على دربي

سوى ريح وعتم في أراض جوها نار

وموت مثلما كانت ليالينا وآتينا

أنبقى في متاه الرمل أقداما

تجر الجوع والحمى بلا مأوى

تجر الخيبة الكبرى

أنبقى حفرة للريح أحداقًا رسا فيها

فرغ الهوة الكبرى

فنحن الآن لا ندري أيبقى الكون إن متنا؟

<<  <   >  >>