ومعه الحق. وقد جعله ذلك يتمادى ويبالغ فلا يتنزل إلى الإصغاء إلى تصحيح مصحح. فإذا نبهه ناقد مخلص إلى خطإ عروضي، اتهمه بأنه ناقد رجعي يريد الاقتصار على أسلوب الشطرين. وانتهى الأمر إلى أن يصبح هذا الشاعر جامحًا، يخرج على العروض وعلى الموسيقى وعلى الذوق باسم "الحرية".
وهكذا انطلق الشعراء الناشئون يخطئون أفظع الأخطاء وهم يحسبون أنهم يأتون بأعظم التجديد. ومضى الناقد يسب ويهاجم ويسخر دون أن يستطيع مساعدة هؤلاء الناشئين الذين يحتاجون إلى التوجيه والرعاية والتشجيع. والحق أن بعضهم شعراء ذوو موهبة، غير أن جموحهم وعنادهم وسوء فهمهم للحرية قد ظلم مواهبهم وقطع عليهم طريق النمو والتكامل. واليوم يكاد الشعر الحر يلهث تعبًا على أيديهم.
هذه مشكلة الغلط العروضي في الشعر الحر وسوف نفرد الفصل التالي لأكثر أصناف هذا الغلط شيوعًا.