عظمة أنه جاء بالوزنين المتعاقبين ولكل منهما ضربان اثنان، في مزيج متآلف تام الموسيقى، مع أنه لم يسمع بالبند -في يقيني- لأن هذه القصيدة نشرت في بيروت سنة ١٩٥٩ وقد يدلنا هذا على أن الشاعر الأول الذي ابتدع البند في القرن الحادي عشر الهجري، إنما وصل إليه وهو غير واعٍ كما وصل إليه نذير عظمة. وقد ضبط كلاهما الوزن أجمل ضبط على غير نسق سابق وإنما تم ذلك بهداية السمع الإنساني المعجز.
ومن متطلبات الأمانة العلمية أن أقول في ختام هذا الفصل إن قول شعراء البند:
مفاعيلن مفاعيلن فعولن ... فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
يمكن أن يقرأ على أنه كله من الهزج كما يلي:
مفاعيلن مفاعيلن – فعولن فا – علاتن فا – علاتن فا – ذلك لأن "فعولن فا" مساوية لمفاعيلن وكذلك "علاتن فا"، وقد يبدو عند هذا صواب رأي الذين يصرون على أن البند كله من الهزج. والواقع غير ذلك فإن مثل تلك القراءة لا تكون ممكنة إلا في غياب القافية التي تعين نهاية الشطر فلا يعود من المقبول أن نقول "فعولن فا" وإنما ينتهي الشطر عند فعولن – القافية وذلك يقفل المجال أمامنا إقفالًا كاملًا فلا نستطيع تخطي فعولن الهزجية ودمجها بالسبب الخفيف في أول تفعيلة الرمل "فا - علاتن".
وإني لأحب أن أختم هذا الفصل بالاستشهاد ببند ثانٍ يثبت صحة خطة الوزن والقافية التي ذهبتُ إليه، وهذا البند من شعر باقر بن السيد إبراهيم الحسيني "١١٧٧-١٢١٨هـ" وهو يبدؤه من الرمل على القاعدة فيقول: