للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيمكن الرد عليه بثلاث حجج دامغة:

١- بأي حق نترك سببًا خفيفًا في أول كل بند فلا نزنه؟ إن "المجادل" يسوغ ذلك لكي يستطيع القول بأن الشطر الأول إنما هو من الهزج لا من الرمل. ووفق هذه الحجة لن يبقى في الشعر العربي بحر اسمه الرمل لأن علينا أن نترك السبب الخفيف في أوله دائمًا وسرعان ما سيجد هذا "المجادل" أن أبيات صلاح عبد الصبور الجميلة التالية من الهزج حتمًا:

كان لي يومًا إله وملاذي كان بيته

قال لي إن طريق الورد وعر فارتقيته

وتلفت ورائي وورائي ما وجدته

ثم أصغيتُ لصوت الريح تبكي فبكيته

إن علينا -وفق رأي هذا المجادل- أن نترك السبب الخفيف "كا" في أول المقطوعة فلا نزنه، وبذلك تصبح الأبيات من وزن "الهزج" وننفض أيدينا من "الرمل" نهائيًّا فلا يعود له وجود في دولة الشعر.

٢- بأي حق يدعونا هذا المجادل إلى أن نتخطى القافية مع أنها تختم الشطر وتعين الوزن لأن ما بعدها هو أول الشطر التالي ويكون حينًا من الرمل وحينًا من الهزج؟ والواقع أن القافية تقضي على كل جدل فلماذا يريد المجادل أن نتجاوزها اعتباطًا؟

٣- الدليل الأخير على أن البند يقوم على وزنين أن طائفة من شعراء البند يقفزون من الرمل إلى الهزج دونما تمهيد وهذا يثبت إثباتًا لا جدال فيه أن شعراء البند كانوا شاعرين تمام الشعور بوجود وزنين. وقد جئت بمثال على هذا الانتقال المتكلف من وزن إلى وزن في أبيات حسين العشاري السابقة.

والواقع أن الذين يريدون أن يثبتوا القول بأن البند يقوم على وزن واحد هو الهزج طغاة مستبدون في نظر النقد الأدبي فهم يصيحون بنا صياحًا:

<<  <   >  >>