القصيدة كثيرًا من قيمتها الجمالية. ومن نماذج الإطار الرخو الذي لا يملك مزية الصلابة قصيدة محمود حسن إسماعيل "انتظار"١ التي ضاع إطارها العام في كثير من الصور الجميلة والتفاصيل، وقد تصيدها الشاعر تصيدًا ناسيًا الخطة العامة لقصيدته حتى طغت على الهيكل وطمست معالمه.
أما الكفاءة فنعني بها أن يحتوي الهيكل على كل ما يحتاج إليه لتكوين وحدة كاملة تتضمن في داخلها تفاصيلها الضرورية جميعًا دون أن يحتاج قارئها إلى معلومات خارجية تساعده على الفهم. ويتضمن هذا معنيين:
أولهما، أن لغة القصيدة تكوِّن عنصرًا أساسيًّا في كفاءة الهيكل، فهي أداته الوحيدة، ولذلك ينبغي أن تحتوي على كل ما تحتاج إليه لكي تكون مفهومة، وهذا هو السبب في نفورنا اليوم من استعمال الألفاظ القاموسية غير المألوفة في لغة العصر. ذلك أن هذا يحتفظ بجزء من معنى القصيدة في خارجها، في القاموس. وهذا، في صميمه، يتعارض مع التعبير ومع لحظة الإبداع عند الشاعر.
وثانيهما، أن التفاصيل ونعني بها التشبيهات والاستعارات والصور – التي يستعملها الشاعر في القصيدة ينبغي أن تكون واضحة في حدود القصيدة، لا أن تكون قيمتها ذاتية بحيث تأتي أهميتها من مجرد تعلق ذكريات الشاعر الشخصية بها. وإنما ينبغي أن يعتمد المعنى الكامل للقصيدة على القصيدة نفسها لا على شيء في نفس الشاعر. ولعل معترضًا أن يحتج علينا لأننا نستبعد عن سياق القصيدة كل ما له قيمة ذاتية عند الشاعر. وجوابنا على ذلك أننا لا نمانع في أن يدخل الشاعر ما يشاء من تفاصيله الشخصية الأثيرة لديه، ولكن على أن يمنح هذه التفاصيل قيمة فنية تنبع من الهيكل نفسه. والقانون في هذا أن على الشاعر أن يحترس من الخلط بين ما له