للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى حُملت ما لم تطيقي

فاطربي واشربي صبابة كأسٍ

خمرها سال من صميم عروقي

هنا تبلغ المأساة قمتها، فبعد أن شاركنا الشاعر في صنع تمثاله وجُبنا معه العالم لتزيينه، وقفنا معه نشهد تحطمه، في سورة العاصفة الرهيبة، وانجرافه في تيارات الماء الساربة، وتنبعث صرخة "الخالق" المدحور أحدّ وأمرّ من أية صرخة سابقة:

لم أعد ذلك القوي فأحميه

من الويل والبلاء المحيق

ونحس أننا هنا بإزاء القمة نفسها، وقد تجمعت قوى الشعور والحياة لتخلق هذه القمة، فلا بد أن تبدأ القوى بالانخفاض بعدها. ويجيء البيتان التاليان مصداقًا، فالفنان قد استسلم وانهزم وهو يدعو ليلته المخيفة إلى أن تسكر من دمه.

وتسرع القوى العاطفية بعد ذلك إلى الانحلال والتشتت، وتبدأ النهاية، وقد أتمها الشاعر في سبعة أبيات بديعة الجمال:

مر نور الضحى على آدمي مطرقٍ

في اختلاجة المصعوق

في يديه حطامة الأمل الذاهب

في ميعة الصبا المرموق

واجمًا، أطبق الأسى شفتيه

غير صوت، عبر الحياة، طليق

صاح بالشمس: لا يَرُعك عذابي

فاسكبي النار في دمي وأريقي

<<  <   >  >>