إن هذا المشهد يمتلك كل خصائص النهاية الجيدة لهيكل هرمي، فبعد الحركة العنيفة التي دار بنا الشاعر خلالها في رحاب القرون ومجاهل العالم، وبعد مشهد العاصفة الجنونية وهي تزأر وتلطم النوافذ وتتدفق سيولها محطمة مدمرة جارفة، بعد تلك الحركة وهذه الضجة، يهدأ كل شيء فجأة، ويطلع الضحى ... وفي الضوء يبرز المشهد الأليم فترى الشاعر مختلجًا، مصعوقًا، واجمًا، صامتًا، وبين يديه بقايا تمثاله المحطم. وتتلاشى القصيدة شيئًا فشيئًا حتى تخبو في آخر تأوهات الفنان وهو يتوسل إلى الشمس أن تسكب نارها في دمه دونما رأفة ولا شفقة.
هذا التلاشي والوجوم والصمت هو عنصر السكون في خاتمة هذه القصيدة الحركية الفذة ذات الهيكل الهرمي المحكم.
ولا بد لنا، قبل أن ننتهي من دراسة الهيكل في هذه القصيدة، أن نشير إلى أسلوب لفظي استعمله الشاعر في ربط القصيدة وشدها إلى بعضها داخل إطار، ذلك أن القصيدة تقع في قسمين رئيسيين، ينتهي أولهما بهذا البيت:
ضاع عمري وما بلغت طريقي
وشكا القلب من عذاب وضيق
وما بعده هو القسم الثاني. ولو دققنا النظر لوجدنا أن الشاعر قد