للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استعمل في القسم الأول لفظتين كررهما في القسم الثاني، وهما "الليل" و"الضحى". وقد كان هذا التكرار نافعًا في المقارنة بين حالتين: ففي القسم الأول كان الليل هو الوقت الذي يلتقي فيه الشاعر بتمثاله، منتصرًا، حاملًا إليه غرائب البر والبحر. وكان الضحى مغلوبًا، فالشاعر-كما يخبرنا- "يقتحم الضحى". أما في القسم الثاني فقد انعكست الحالة انعكاسًا مؤلمًا فما يكاد الليل يهبط حتى تزأر العاصفة وتلطم النوافذ وتحطم التمثال. ونسمع الشاعر المدحور ينادي صارخًا:

ليلتي، ليلتي، جنيت من الآثام

حتى حملت ما لم تطيقي

فاطربي. واشربي صبابة كأس

خمرها سال من صميم عروقي

أما "الضحى" فهو هذه المرة، يمر على إنسان محطم انقطعت علاقته بذلك "المقتحم" القديم الغلاب بزهوه وشبابه وانتصاره. وهكذا استعان الشاعر بالليل والضحى في خلق هذا التضاد الفني الذي يسر المقارنة وكثف جو القصيدة وأحكم بناءها.

وقد جاءت في هذه القصيدة صور أخرى من المقارنة غير المباشرة، فالشاعر في القسم الأول، قد سمى نفسه "خالقًا". أما في القسم الثاني فهو ليس إلا "آدميًّا" وقد ساعد ذلك في تكثيف الجو النفسي لهذه القصيدة الرائع.

ج- الهيكل الذهني:

رأينا أن هيكل القصيدة ليس إلا الأسلوب الذي يدخل به الشاعر الحركة في قصيدته فعندما كان الهيكل مسطحًا والارتكاز ساكنًا عوض الشاعر

<<  <   >  >>