ولنلاحظ أن هذا اللون من التكرار لا ينجح في القصائد التي تقدم فكرة عامة لا يمكن تقطيعها؛ لأن البيت المكرر يقوم بما يشبه عمل النقطة في ختام عبارة تم معناها، ومن ثم فإنه يوقف التسلسل وقفة قصيرة ويهيئ لمقطع جديد. وقد رأينا أن قصيدة ميخائيل نعيمة تقدم نماذج فرعية لمعنى الطمأنينة العام، وقد وقفت كل مقطوعة نفسها على نموذج فرعي واحد انتهت عنده، وهذا هو سر نجاح التكرار في القصيدة. ويفشل هذا التكرار في القصائد التي تتسلسل معانيها تسلسلًا لا داعي فيه للتقطيع.
ومن نماذجه قصيدة عنوانها "سجين" لبدر شاكر السياب، يبدو التكرار في ختام كل مقطع منها صادمًا يعوق التسلسل، ويوقفه دون داعٍ، وهذان مقطعان منها:
ذراعا أبي تُلقيان الظلال ... على روحي المستهام الغريب
ذراعا أبي والسراج الحزين ... يطاردني في ارتعاش رتيب
وحفت بي الأوجه الجائعات ... حيارى فيا للجدار الرهيب
ذراعا أبي تُلقيان الظلال ... على روحي المستهام الغريب
وطال انتظاري.... كأن الزمان ... تلاشى فلم يبق إلا انتظار!
وعيناي ملء الشمال البعيد ... فيا ليتني أستطيع الفرار
وأنت التقاء الثرى بالسماء ... على الآل في نائيات القفار
وطال انتظاري كأن الزمان ... تلاشى فلم يبق إلا انتظار١
التكرار هنا يبدو تلوينًا مجردًا ليس له داعٍ، وهو يوقف الانسياب الشعوري للقصيدة التي تملك كسائر قصائد هذا الشاعر وحدة محببة يؤسفنا أن تتعثر لاهثة في ختام كل مقطع. قد كان موضع التكرار هنا -رغم