للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدى هامسًا في الدجى أننا ... أننا جبناء١

ونموذج ثالث:

وسدى حاولت أن تؤوب ... معنا فهي ... فهي رفات٢

وشرط هذا الصنف أن تحتوي الكلمة التي يتردد عندها الشاعر على ما يبرر تحرجه من التلفظ بها، فمن دون الصدمة التي تأتي بها "مزاحمة الذئاب" و"جبناء" و"رفات" يصبح التكرار عقيمًا مفتعلًا. وقد وقع في هذا الافتعال نزار قباني نفسه في قصيدة حديثة له:

لعلك يا.. يا صديقي القديم

تركت بإحدى الزوايا....٣

فإن تكرار "يا" هنا خالٍ من الغرض لأنه ليس من داعٍ قط يجعل هذه الفتاة تتحرج من أن تنادي المخاطب بأنه "صديقها القديم" فهي لا تهينه بالنداء، ولا تبوح بأكثر مما باحت به في القصيدة المكشوفة. فما الداعي إلى تلكؤها؟ والواقع أن من السهل جدًّا أن يقع الشاعر في تكرار لا داعي له سدًّا لثغرة في الوزن، وهو أمر نجد له عشرات الأمثلة المحزنة في شعرنا اليوم، خاصة في الشعر الحر الذي أردنا يوم دعونا له أن نحرر الشاعر من "الرقع" و"العكاكيز" فإذا الحرية الجديدة تزيده التجاء إليها. والشاهد التالي من شعر عبد الوهاب البياتي معروف للمتتبعين:

أبواي ماتا في طريقهما إلى قبر الحسين

عليه -ماتا في طريقهما- السلام٤


١ قرارة الموجة لنازك الملائكة "بيروت ١٩٥٧" ص٩٣.
٢ شظايا ورماد لنازك الملائكة الطبعة الثانية "بيروت ١٩٥٩" ص٣١.
٣ مجلة شعر. العدد الثاني من السنة الأولى ربيع ١٩٥٧.
٤ مجلة الآداب. تشرين الثاني ١٩٥٣.

<<  <   >  >>