يمكن تقسيمها إلى فقرات يتناول كل منها حلقة صغيرة جديدة في المعنى. فالتكرار يساعد الشاعر على إقامة وحدات صغيرة في داخل الإطار الكبير.
وأما القصائد التي تقدم فكرة موحدة متسلسلة تبلغ قمة ثم تنحل وتتلاشى فهي تخسر كثيرًا باستعمال تكرار التقسيم، وذلك لأن طبيعة هذا التكرار تتعارض مع الوحدة العامة للقصيدة حتى يكاد كل تكرار يصبح وقفة صارمة لا يستطيع الشاعر تجاوزها. وقد سبق لنا أن وقفنا عند قصيدة بدر شاكر السياب "سجين" التي فشل فيها التكرار فشلًا ذريعًا بسبب لجوئه إلى تكرار التقسيم دونما غرض فني، ودونما مراعاة للوقفات الصارمة التي أحدثها هذا التكرار في المقطوعات في قصيدة كان ينبغي أن تتسلسل وتمتلك ذرة شعورية تصلها دونما تقطيع مفتعل.
ومن الوسائل التي تساعد على تكرار التقسيم وتنقذه من الرتابة أن يدخل الشاعر تغييرًا طفيفًا على العبارة المكررة في كل مرة يستعمل فيها وبذلك يعطي القارئ هزة ومفاجأة. ونموذج هذا قصيدة محمود حسن إسماعيل "خمر الزوال"١ وهي تبدأ هكذا:
لا تتركيني في ضلال ... بين الحقيقة والخيال
إني شربت على يديك ... مع الهوى خمر الزوال
ويرد التكرار في ختام المقطوعة الأولى على النحو التالي:
لا تتركيني زلة في الأرض تائهة المتاب
إني شربت على يديك مع الهوى خمر العذاب
ومما تجدر الشاعر ملاحظته أن التكرار يجنح بطبيعته إلى أن يفقد الألفاظ أصالتها وجدتها ويبهت لونها ويضفي عليها رتابة مملة، ومن ثم فإن العبارة المكررة ينبغي أن تكون من قوة التعبير وجماله ومن الرسوخ والارتباط
١ أين المفر، محمود حسن إسماعيل "القاهرة ١٩٤٨" ص١٢٩.