ذلك أن السنن الوحيدة الموجودة هي قصائد الآخرين، وهي مازالت قليلة نسبيًّا. والمعروف أن الشاعر الذي يعجب بوزن قصيدة من القصائد فيعارضه لا يستطيع أن ينجو من السقوط في "معارضة" معانيها وجوها وحتى سقطاتها أيضًا. وقد كان هذا أحد وجوه الخطر الكثيرة التي تضمنتها حركة الشعر الحر حين قيامها أول مرة. وما لبثت مظاهره حتى بدأت تلوح على بعض الشعر الحر الذي ينظمه الناشئون، فلم يعد من النادر أن تتشابه قصائد الشعراء في موضوعاتها وألفاظها وأجوائها وأخيلتها. وأن الخطأ في شعر الواحد ليسري سريانًا مدهشًا في شعر الآخرين وكأنه بات سنة تُحتذى لا خطأ ينبغي تحاشيه.
على أن مشكلات حركة الشعر لم تقتصر على مزالق الظروف وإنما جاءتها من جهات أخرى سندرسها في الفقرة التالية.