وليس ذلك فحسب، وإنما قدمت لتلك الفصول الطويلة بنبذة عن تاريخ الشعر الحر باعتباره حركة جديدة ظهرت سنة ١٩٤٧م ثم درست أسبابه الاجتماعية كما تمثلتها هي وكرست جهدها لوضع عروض لهذا الشعر يقيس عليه الناشئون قصائدهم فلا يقعون في الأخطاء. والكاتبة تؤكد أن أغلب الشعر الحر الذي ينشر اليوم حافل بالغلط العروضي والشقطات، غير أنها تشعر -في يقين- أن هذا الغلط لن يستمر؛ لأن شباب الجيل القابل سيكون أكثر فهمًا وتذوقًا لأسرار اللغة العربية والأوزان الشعرية، كما خصصت المؤلفة فصلًا طويلًا للأخطاء العروضية الشائعة، صنفتها فيه إلى أصناف، وضعت لها عناوين مميزة، مثل: الخلط بين التشكيلات، ومستفعلان في ضرب الرجز، وغير ذلك.
والكتاب -فضلًا عن هذا- دعوة إلى تطوير أساليب النقد العربي بحيث يساير الشعر المعاصر وبالتالي الحياة المعاصرة نفسها، وهذه الفكرة ترد على صورة دعوة فعلية أحيانًا نجدها مبثوثة في عناوين الكتاب، ولا سيما المتعلقة بالشعر الحر، كما ترد على صورة فصول في النقد تحاول فيها الكاتبة أن تطور تلك الأسس التي تدعو إليها والتي تكاد تكون بمجموعها محاولة جديدة في النقد الأدبي.
أما الفصول التي تضع أسسًا جديدة في النقد فيمكننا التنبيه إليها، وهي:
أ- هيكل القصيدة: وفيه تدرس القصيدة العربية على أساس بنائها لا على أساس موضوعها. وفي هذه الدراسة تمييز دقيق بين الموضوع وبناء القصيدة، وقد انتهت فيه إلى وجود ثلاثة أنواع من الهياكل، أطلقت عليها:
الهيكل المسطح، الهيكل الهرمي، والهيكل الذهني، وجاءت بمثال مفصل من كل صنف. والذي يلاحظ أن الكاتبة وضعت كثيرًا من الاصطلاحات الجديدة التي يحتاج إليها الناقد المعاصر، مثل: الكفاءة، التماسك، الصلابة، ومثل: الأوزان الصافية والممزوجة، ومثل: التشكيلات وتريد بها