وموسيقى أيسر فضلًا عن أنها لا تتعب الشاعر في الالتفات إلى تفعيلة معينة لا بد من مجيئها منفردة في خاتمة كل شطر.
وحدة التفعيلة في الشعر المعاصر:
في الفقرة السابقة استقرأنا القانون البسيط الذي ينبغي أن يجري عليه كل شعر حر سليم. ولو التفت إليه الشعراء لما وقع طائفة منهم في الأخطاء والنشوز. ولعل الشعر الحر لو نشأ في عصور العروبة السابقة لكان له شأن آخر. فقد كان الشعراء كثيري القراءة للشعر العربي السليم بحيث يتحسسون عروض الشعر ويسلمون من الخطإ ولو لم نضع لهم قانونًا يطيعونه. ذلك فضلًا عن أن دراسة العروض كانت جزءًا من ثقافة المثقف وأدب المتأدب.
ومهما يكن من أمر الظروف والأسباب، فإن الناشئين من الشعراء المعاصرين -وحتى بعض الراسخين- لم يشخصوا معنى الحرية في الشعر الحر تشخيصًا واضحًا، ولم يعرفوا من الأشطر العربية، موضع التكرار الذي تبيحه الحرية الجديدة، ولعلهم ظنوا أنها حرية مطلقة لا ضابط لها، وأنها تبيح حتى الخروج على ما تقبله الأذن العربية والعروض الدارج، ولذلك نجدهم خلطوا بين بحور الشعر نفسها فنظموا قصائد حرة تجاورت فيها أشطر من البحر السريع وأخرى من الرجز كما في الفقرة التالية لسعدي يوسف:
يا طائرًا أضناه طول السفرْ
قلبي هنا في المطرْ
يرقب ما تأتي به الأسفارْ
إن الشطر الثالث في هذه القطعة خارج على البحر السريع الذي كان