منه الشطران الأولان كما نلاحظ إذا نحن وزنَّا الأشطر:
مستفعلن مستفعلن فاعلن
مستفعلن فاعلن
مستفعلن مستفعلن مفعولْ
وإنما هو بحر الرجز لأن "مفعولن" لا ترد في ضرب السريع على الإطلاق وإنما هي مما يرد في الرجز بحسب قواعد العروض العربي.
على أن قانوننا البسيط للشعر الحر لا يحوج الشاعر حتى إلى أن يتعلم أسماء البحور. فإنما ندرك أن "مفعولْ" ناشزة هنا لمجرد أنها واردة في مكان "فاعلن" التي التزمتها الأشطر الباقية، وكانت تفعيلة منفردة تفرض نفسها على مكانها المعين من كل شطر. إن "مفعول" لا يصح أن ترد هنا، ذلك حتى لو فرضنا جدلًا أنها يمكن أن ترد في ضرب السريع. وسبب هذا أن الشاعر قد سبق له أن عين لنفسه خاتمة كل شطر فلا مفر له من الالتزام بها مهما كانت الظروف؛ لأن ذلك هو قانون العروض العربي.
ولعل من الضروري أن نلفت النظر، في ختام هذا الفصل عن التفعيلات، إلى أن الشطر الأول في القصيدة الحرة يعين للشاعر ضرب كل شطر تالٍ يرد فيها، سواء أكان البحر صافيًا أم ممزوجًا. ومعنى هذا أن وحدة الضرب قانون جار في القصيدة العربية مهما كان أسلوبها: شطرين أو شطرًا ثابت الطول، أو شطرًا متغير الطول من بحر صاف، أو شطرًا متغير الطول من بحر ممزوج، ففي الحالات كلها ينبغي أن تحافظ على ثبات الضرب. وإنما تنحصر الحرية التي نملكها في حشو الشطر.