قال الشارح: قوله ما رأيته مذ أول من أمس، مذ: مبتدأ، وأول: الخبر، والكلام جملتان: جملة فعلية، وهي: ما رأيته، وجملة ابتدائية، وهي: مذ أول من أمس لا موضع لها من الإعراب، واختلف في الجملة الابتدائية هل لها موضع من الإعراب أم لا، فكلهم مجمعون على أنها لا موضع لها من الإعراب إلا السيراني فإنها عنده في موضع نصب على الحال، والتقدير عنده: ما رأيته متقدما، فمتقدما: حال ومذ تستعمل على ضربين: تكون بمعنى: الأمد، فتظم أول الوقت إلى آخره، كقولك: ما رأيته مذ يومان، ومنذ ثلاثة أيام، أي: أمد ذلك يومان وثلاثة أيام، وتكون بمعنى: أول الوقت، كقولك: ما رأيته مذ يوم الجمعة، أي: أول ذلك يوم الجمعة، فقول أبي العباس:(ما رأيته مذ أول من أمس) هي بمعنى أول، وليست بمعنى الأمد، لأنها إذا كانت بمعنى الأمد لم يقع في الأكثر إلا نكرة، وإذا كانت بمعنى أول فإنها يقع بعدها وقت مخصص معين، والتقدير: أول ذلك أول من أمس، قال أبو العباس المبرد: وتقدير في الإعراب: ما رأيته مذ يوم أول من أمس، فأول: صفة ليوم ثم حذف الموضوف وأقيمت صفته مقامه.
قال الشارح: وهذا إنما يستعمل إذا كانت الرؤية قد انقطعت ليوم قبل يومك الذي أنت فيه، فإن أردت يومين قبل يومك، قلت: ما رأيته مذ أول من أمس، فالإعراب والتقدير على ما قدمنا.
وقول أبي العباس:(لا تجاوز ذلك) يعني: أن العرب لم تستعمل هذا اللفظ لأكثر من يومين قبل يومك فإن أردت أكثر من ذلك قلت: ما رأيته مذ ثلاثة أيام ومذ