للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يقال لما سترته الشمس وغيرها من سقط الشمس بالعشي: ظل، وإنما يقال له: فيء، والصحيح ما قدمنا أنه يقال له: فيء وظل، وهو قول رؤية الذي اردفه أبو العباس بعد قوله. والبيت الذي احتج به أبو العباس لا حجة له فيه، لأن الشاعر إنما قصد إلى اختلاف اللفظ فقط، ولم يرد اختلاف اللفظ والمعنى، لأنه لما تقدم له الظل كره تكرار اللفظ، فقال: الفيء، ولم يرد أن لفظ الظل لا يستعمل بالعشي، والدليل على استعمال الظل بالعشي قول امرئ القيس:

(ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائضها دام)

(تيممت العين التي عند ضارج ... يفئ عليها الظل عرمضها طام)

فقال:

(يفيء عليها الظل ..... )

والبيت الذي استشهد به أبو عباس هو لحميد بن ثور الهلالي، وكنيته: أبو لاحق، وقيل أبو الهيثم، وهو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، والسرحة: شجرة من العضاه تطول في السماء، وجمعها: سرح، وظلها بارد يستظل بها من وهج الحر، ولذلك قال الشاعر:

(فيا سرحة الركبان ظللت بارد ... وماؤك عذب لو يباح لشارب)

والسرحة في هذا البيت وبيت حميد كناية عن المرأة، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عهد إلى الشعراء إلا بشيب أحد منهم بامرأة وتوعدهم على ذلك فكان الشعراء يكنون عن النساء بالشجر وغيرها، ولذلك قال حميد:

<<  <   >  >>